الأربعاء، 10 فبراير 2016

ملف قصبة اكادير اوفلا موضوع جلسة عمل على مستوى ولاية جهة سوس ماسة .

لكم طال التيه وراء البحث عن البيان و التبيين في اشكالية حماية قصبة أكادير أوفلا وكثر الغمز و اللمز بشأن حمايتها و تباين النعت اللصيق بهذه المعلمة و ما شابهها من النشاز البصري و التفريخ للهوائيات و تدنيس القبور بفضاء الموقع .
تعددت أنماط الشجب و التنديد و التحسيس و تنوعت أساليب لفت الانتباه ما بين الوقفات و الندوات و المقالات و الزيارات الميدانية .لكن اشكالية الحماية لهذه القصبة لازال سائر المفعول وجلجل صداه مؤخرا في قبة البرلمان و الحقيقة أن اشكالية الحماية رديفة الواقع و النصوص التشريعية .
فهل تكون جلسة العمل المنعقدة تحت الرئاسة الفعلية للسيد جمال انور للكاتب العام للولاية يوم الخميس 21 يناير 2016 وفي حضور نائب رئيس جماعة أكادير السيد سعيد السعدوني المكلف بالشؤون التقنية والأشغال والسيد عمر الشفدي نائب الرئيس المكلف بالتعمير و السيد عبد الله ابودرار نائب المدير الجهوي للثقافة . وناظر الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد محمد أسيول والسيد رئيس المنطقة الحضرية لاكادير المحيط ومفتش المآثر التاريخية فى المديرية الجهوية للثقافة ورئيس القسم التقني بالجماعة ورئيس قسم الجماعات المحلية بالولاية وعن المجتمع المدني حضر السيد محمد باجلات رئيس ملتقى ايزوران نوكادير مرفوقا بالسيدين ابراهيم بوتازلوت الكاتب العام للملتقى والسيد اعزا جافري منسق لجنة التراث وحضره عن جمعية اكرام للعناية بالمقابر السيد عبد الله حميدوث .
فاتحة خير وبداية درب طويل أكد السيد الكاتب العام للولاية أن السيدة زينب العدوي والي جهة سوس ماسة تعطيه أولوية ودعم كبير. تلزم الكل بوجب تمحيص مقاربة تلزمنا بخلخلة هذه الاشكالية و اخضاعها لقانون الموازنة حتى تكون نتيجتها معادلة متوازنة الأقطاب غير متنافرة .فعصى رحى الحماية في اشكاليتنا باعتباره القطب الاول هو النص القانوني التشريعي الذي يدفعنا الى مساءلة ماهيته و حجيته و مصداقيته ,كيف لا وهو الموضوع حارسا و حاميا و قانونيا لهذا المبنى التاريخي .!!!
أما القطب الثاني فهو الواقع الذي يسقط ورقة التوت الوحيدة عن هذه المعلمة و يعري فداحة هتك النصوص القانونية و طمس الهوية و الذاكرة المحلية .
فالإشكال وارد اذ الحماية موجودة بحكم النص القانوني و غائبة بقوة الواقع و الممارس اليوم بهذا الموقع التاريخي بدءا باختلاف في الاسم ما بين أكادير ايغير أو أوفلا .
فالأسئلة التي تتناسل و تشكل متتالية خطية بشان هذه المعلمة تبحث لها عن اجابة عن سؤال جوهري لماذا هذا التناقض في نبل الخطاب و الدناءة في الممارسة .؟!!!
فهل نحن واعون و مدركون الأهمية التاريخية لهذا الارث التاريخي و بطولاته؟ثم لماذا هذا التأخير في الاهتمام بهذه المعلمة الى حدود التسعينات من القرن العشرين و بالتالي تعرضها لشوائب دخيلة عن تلك الاسوار استحال معها ارجاع الوضع الى ما هو عليه و ازالة كل تلك الزوائد ؟؟ !!
كيف تمكنت الأطياف السياسية و الادارية أن تلقي بظلالها الوارفة على تدبير هذه القصبة التاريخية و بالتالي عدم استثمار الموقع في التنمية السياحية و الثقافية المحلية و الجهوية و الوطنية ?.
سؤالنا الصريح الذي يحتاج البيان و التبيين و يزيح تهافت المتهافتين من له اليد الطولى في هذه الاشكالية أي حماية قصبة أكادير أوفلا ؟ !!!!
هل الوزارة الوصية على هذا الارث الثقافي أم الجماعة الحضرية لأكادير,باعتبار المعلمة متواجدة مجالا بنفوذها الترابي ؟
أم السلطات المحلية باعتبارها أجهزة مراقبة و توجيه و مواكبة ؟ أم المجتمع المدني ساكنة و اعلاما ؟ أم المثقفون بمعنى ادق المحليون جامعيون و باحثون ؟
فهذه الاسئلة في نسجها و ربطها و الاجابة عنها تقودنا الى ما مدى جدوى هذه المعلمة التاريخية في التنمية و كيف توظف و تستثمر و لصالح من ؟
فحصيلة مقاربة هذه الاشكالية لما ينيف عن نصف قرن يفضي بنا الى صياغة متتالية من الاستفهامات و الاستبيانات تحوم في فلك موازنة معادلة النصوص القانونية و الممارس على أرض الواقع .فملف حماية قصبة أكادير أوفلا من الملفات السهلة الممتنعة سهلة لوجود قوة النص القانوني لكن ممتنعة بقوة العجز عن أجرأة و تفعيل متن الحماية .فالاستفهامات مثلا تقف بنا عند أي سياق تاريخي للقصبة ليلة 29 فبراير 1960. نخص بالحماية ? ما كم الترسانة القانونية الخاصة بحماية أكادير أوفلا وكيفها؟
هل تداخل المعنيين بتدبير هذا الموقع الأثري سبب أساسي في عدم استثمار القصبة سياحيا,ثقافياو تنمويا؟
أين دور مفتشية المباني التاريخية في تحريك مسطرة التصحيح و التوجيه و اقتراح البديل ؟هل مقتضيات الميثاق الجماعي تخدم حماية القصبة و بأي آليات و تركيبة ادارية ؟ !!!
ألا يمكن اعتبار تواجد المقبرة بالمعلمة قد حقق الحماية للموقع في شأن عدم المس بمخلفات ما تحت الأنقاض ؟ !!!
ألم يسائل الاعلام نفسه في بسط و تحليل اشكالية حماية قصبة أكادير أوفلا,وعن مصير تلك المشاريع الخاصة بتأهيل القصبة و التي أضحت مجسمات لاغير ...؟ !!
فحجية النصوص و المتون في تعاملها مع قصبة أكادير أوفلا هي التي انتظرت الى سنة 2012 لتثار بمجلس النواب و تكون موضوع أسئلة كتابية موجهة الى الجهات المعنية .ففي سؤال كتابي بتاريخ 11 ماي 2012 موجه الى السد وزير الثقافة استفهم فريق العدالة و التنمية عن التدابير التي ستتخذها الوزارة للحفاظ على قصبة أكادير أوفلا وإنقاذ هذا الموقع التاريخي مما يتعرض له من تشويه بشكل تجاوز المنشور الوزاري رقم 73/د بتاريخ 30 دجنبر 1992 في شأن تطبيق التشريع الخاص بالمحافظة على المعالم و المواقع التاريخية ,خاصة ما ارتبط بالهوائيات التي تم تنصيبها بالقصبة .
ليكون تاريخ 10 أكتوبر 2012 تاريخ صدور مراسلة جوابية من الوزارة المعنية,مضمنة باعتراف رسمي أن القصبة من المعالم الأولى التي تم تصنيفها تراثا . و أقرت الوزارة في باب آخر بتحول القصبة الى مقبرة جماعية لرفات الضحايا من ساكنيها ,شأنها في ذالك شأن باقي أحياء مدينة أكادير خلال زلزال 29 فبراير 1960 .
تحول أزاح عن هذه المعلمة الاساس الذي صنف الموقع من أجله قبل الزلزال ,اد أن النسيج العمراني و نمط الحياة و المعالم المعمارية التي يهدف الظهير الشريف صيانتها قد اختفت بفعل الزلزال,أمر ترى الوزارة أنه يلزم بتحين نص ظهير التصنيف ليعاد تحديد موضوعه من جديد .اضافة جديدة تقرها الوزارة رسميا و ترى أن تدبير الموقع يقع ضمن اختصاصات بلدية اكادير حيث كان يشكل قبل الزلزال حيا من احيائها و لم تتغير وضعيته منذ ذلك الوقت . و عن حالة النشاز البصري الناجم عن نصب الهوائيات فالرسالة الوزارية تحيطنا علما أن كل تلك الهوائيات غير مرخص لها من طرف مصالح وزارة ألثقافة و بالتالي فأمر التنصيب وقع خارج القانون. لقد مكنتنا الارسالية من جرد ماهية تلك المقعرات و الوزارة بصدد البحث لمعرفة وضعية تلك الشركات و المؤسسات ازاء الأطراف الأخرى المتدخلة في القصبة خاصة الجماعة الحضرية لأكادير و السلطات المحلية قصد دراسة سبل التدخل لمعالجة الوضع.
أما السؤال الكتابي الثاني المجه الى وزارة الأوقاف و الشؤون الاسلامية بتاريخ 7 غشت 2012 فماهيته عن انتهاك رفات شهداء زلزال 1960 اللذين دفنوا بالمقبرة الجماعية داخل قصبة أكادير أوفلا,مع استبيان التدابير التي ستتخذ لرد الاعتبار لمقابر الشهداء .ف وزارة الأوقاف و الشؤون الاسلامية من خلال ارساليتها عدد 12 بتاريخ 18 يناير 2013 تحيطنا علما أن احداث المقابر الاسلامية و تدبيرها و تنظيمها و صيانتها موكول الى الجماعات المحلية بموجب القانون المتعلق بالميثاق الجماعي لاسيما المادة 39 منه فالوزارة تحصر دورها في الحفاظ على حرمة المقابر و الذود عنها من كل انتهاك أو ترام باعتبارها حبسا عاما . على أن مساهمة الوزارة في رض الاعتبار لهذى الموقع سينصب حسب الارسالية المذكورة على التنسيق مع بلدية أكادير باعتبارها الجهة المسؤولة عن نظافة المكان,و التنسيق مع مصالح وزارة الثقافة على اعتبار القصبة معلمة تاريخية .
أما سؤال فريق العدالة و التنمية الموجه كتابيا الى السيد وزير الداخلية بتاريخ 7 غشت 2012 في شأن التدابير المتخذة للحفاظ على معلمة قصبة أكادير و انقاد هدى الموقع التاريخي من الانتهاك و التشويه فان الارسالية عدد 148/د بتاريخ 13 فبراير 2013 قد لفتت الانتباه الى مجموعة من التدابير التي تعكس الاهتمام الذي توليه الجماعة الحضرية لأكادير لرد الاعتبار لهذه القصبة,حيث تم ترميمها و تجهيزها خلال السنوات الاخيرة,كما خصصت لها حيزا هاما ضمن مخطط التنمية الحالية الى جانب ابرام اتفاقية شراكة مع جامعة ابن زهر لانجاز دراسة أركيولوجية لهذا الموقع. كما نبهت الارسالية الى أن موضوع الهوائيات يثار بصفة مستمرة من طرف أعضاء المجلس منذ انعقاد الدورات العادية للمجلس .
لتختم الارسالية بدعوة كل الأطراف المعنية للتعاون لتجاوز كل ما يشكل تشويها لجمالية هذه القصبة التاريخية . فإذا كانت ارسالية وزارة الثقافة تؤكد على غياب و انعدام الأساس الذي صنف الموقع من أجله بعد الزلزال مما يدعو الى ضرورة العمل على تحيين نص ظهير التصنيف . و بالتالي تؤكد أن تدبير القصبة يقع ضمن اختصاصات بلدية أكادير,فان ارسالية وزارة الأوقاف و الشؤون الاسلامية تؤكد بدورها أن مهام تدبير المقابر و تنظيمها من اختصاص الجماعة الحضرية لأكادير . في حين أن وزارة الداخلية تثني على اهتمام بلدية أكادير مبادراتها لرد الاعتبار لهذه القصبة .
فهذا التهافت لرد الاعتبار لهذه المعلمة التاريخية انطلاقا من هذه الأجوبة الكتابية لجهات رسمية لها ظلها الوارف في هذا الملف,يجعل من بلدية أكادير صاحبة الحق الأول و الأخير في اتخاذ التدابير الوقائية و الاحترازية لتأهيل هذا الموقع و بالتالي يفسح لها مجال تحيين اتفاقية الأبحاث الأركيولوجية و دعمها ماديا لإتمام أشغال التأهيل و احداث متحف بداخل القصبة . الامر الذي لن يكون إلا باستصدار فتوى تجيز احداث مقبرة جماعية خارج القصبة يجمع فيها رفات شهداء زلزال 1960, و بالتالي العمل مع فعاليات المجتمع المدني و أهالي القصبة على ترميم ذاكرة الفضاء و جعله مزارا سياحيا و ثقافيا و تنمويا توازيه أجرأة مختلف النصوص و المتون القانونية و التنظيمية التي ظلت الى يومنا هذا حبرا على ورق .

محمد الرايسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق