الحرية وأمن الإنسان والتنمية البشرية العربية: معادلات صعبة "سجن كبير للصحافيين"، وركز بشكل كبير
على المؤشرات السياسية كما هو الشأن بالنسبة لمؤشر المشاركة السياسية
للمرأة التي جعلت المغرب متقدما على العديد من الدول العربية.
شكلت نهاية الحرب العالمية الثانية منطلقا لتبلور الصراع الفكري والقيمي والسياسي الحديث حول مركزية الفرد/الشخص/الإنسان، فاستجاب القانون الدولي العام ومؤسساته الرسمية لحماية مختلف حقوق هذا الفرد في مجموعة من الإعلانات والعهود الدولية التي يشملها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ومختلف الاتفاقيات التي تعنى بحقوق الإنسان، ولم تكن معظم الدول العرب
ية
تعبأ كثيرا باتخاذ الإجراءات والتدابير المؤسساتية التي تكفل حماية حقوق
الإنسان وكرامته إلا بعد توالي الانتقادات الموجهة لسياساتها، خصوصا بعد
انهيار المعسكر الشرقي وانتصار المنظومة الليبرالية مع مطلع تسعينيات القرن
الماضي، حيث "عرف العالم كله تغييرات عميقة قلبت كل الأسس بما في ذلك أن
جانبا مهما من هذا المجتمع هوى بكامله مبرزا عن نفسه للعالم مظهرا غير
منتظر بدا فيه نظام القطبية وقد انقلب رأسا على عقب، وكان من الطبيعي
والحالة هذه أن يسعى المغرب بدوره إلى التلاؤم مع النظام الجديد فمبررات
الانحسار والانقطاع التي كانت واردة فيما مضى لم يعد لها وجود"(مقتطف من
خطاب العرش لعام1995)، وظل الأمر يبدو وكأن حكومات العالم الثالث بما فيها
الدول العربية لا تتخذ الإجراءات اللازمة لحرية الإنسان ولا توقع
الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان إلا تحت تأثير القوى الخارجية لاسيما
أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، أو سوى بهدف تحسين صورها وتفادي عدم
الانعزال عن المجتمع الدولي، أو لأجل الاستفادة من الاتفاقيات التجارية
الدولية مع النية المسبقة على عدم احترام اتفاقيات حقوق الإنسان الموقعة
عليها. ومع ذلك فإمكانات تأثير النفوذ الأجنبي على عملية التحول الديمقراطي
في المغرب تبقى ضئيلة مقارنة بمعظم الدول العربية على اعتبار أن المملكة
اتخذت بالفعل الخطوات الأسهل المرتبطة بتدعيم حقوق الإنسان وحقوق المرأة
إضافة إلى التحسن الكبير في الأوضاع الداخلية بالبلاد بالمقارنة بالدول
المجاورة حسب تعبير كل من "مارينا أوتاوي" مديرة برنامج الشرق الأوسط بمعهد
"كارنيجي للسلام الدولي"، و"ميرديث ريلي" باحثة في برنامج "الديمقراطية
وحكم القانون" بنفس المعهد؛ حيث شرع المغرب في تطبيق إصلاحات فوقية بدأت
تتحسن معها أوضاع حقوق الإنسان لتزداد وتيـرتها في العشرية الأخيرة باتخاذ
العديد من التدابير التي مست البنيات المؤسساتية والتشريعية المتوفرة ذات
الصلة بحقوق الإنسان وخلق مؤسسات حقوقية بمختلف أصنافها المتعارف عليها
دوليا وتبنـي إجراءات عملية أخرى بلغت تسوية ملفات انتهاكات الماضي؛ لكن مع
مطلع الألفية الثالثة أضحت الساحة السياسية والحقوقية بالمغرب تتجاذبها
على المستوى الدولي تداعيات الحرب على الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة
الأمريكية منذ أحداث 11شتنبر2001 الإرهابية والتي شكلت نوعا من التراجع عن
القيم الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان، والتي قابلتها حملة دولية مضادة
بقيادة منظمة العفو الدولية للدفاع عن هذه القيم، وعلى المستوى الداخلي
تصاعدت ادعاءات التعذيب والاختفاء بعد تبني المغرب قانون الإرهاب مباشرة
بعد تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية(16ماي2003) وذلك في أجواء الحركية
التي خلقها موضوع الإنصاف والمصالحة، الشيء الذي جعل لجنة مناهضة التعذيب
إبان مناقشة التقرير الرسمي الثالث للمغرب تؤكد على أنه "إذا كان هناك
إجماع دولي على مناهضة الإرهاب وتجفيف منابعه، فهناك إجماع آخر لا يقل عنه
أهمية هو الإجماع على مناهضة خرق حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب" كل ذلك كان
يؤشر على خلل في ميزان "الحرية الشخصية والأمن العام" على نحو يحول دون
تحقق ما أصبح يعرف بالحكامة الأمنية، فالمعادلة الصعبة لتحقق الحكامة
الأمنية تتلخص في مدى القدرة على تحقيق التوازن التام بين احترام الحقوق
والحريات التي يؤطرها الدستور والقوانين وبين الضرورات التي تُحَتٌِمُها
الاعتبارات الأمنية والوقائية التي يفرضها استتباب الأمن واستقرار المجتمع؛
إن مساحة الحريات المتاحة في الوطن العربي بصفة عامة تبقى محدودة عندما تقارن بمواقع كثيرة في العالم، لأن سلطة الدولة، حسب المنظمة المعنية بقياس الحريات في العالم "بيت الحرية" Fredem House وهي منظمة غير حكومية أمريكية تعتمد على مؤشرات قياسية يمكن بواسطتها تحديد الدول شبه الحرة والحرة والدول التي تنعدم فيها الحرية، لازالت مطلقة وغير خاضعة للمساءلة والتداول، وقد أشار أحد تقارير هذه المنظمة -رغم ما قد يقال عن انطباعية مثل هذه التقارير وعدم موضوعيتها- إلى أن اثنين فقط من الدول العربية كانت تقع في خانة الدول ذات الحريات السياسية هما الكويت ولبنان، ارتفعت إلى ست6دول عربية عام2006 هي: الكويت ولبنان والبحرين والأردن واليمن والمغرب.
وبالرجوع إلى تقارير التنمية البشرية العربية التي يرعاها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (وهي خمس تقارير لحد الآن)، نجد التقرير الأول ينظر إلى الحرية باعتبارها الغاية الأساسية للتنمية الإنسانية مؤكدا أن الهدف المتوخى من الحرية هو القضاء على انعدام الحريات سواء على المستوى السياسي(إعطاء الناس الحرية لكي يقرروا مصير من يحكمهم والمبادئ التي يحكمهم بها، ومنحهم القدرة لكي يراقبوا السلطات وضمان حرية التعبير وخلق صحافة حرة) أو على المستوى الاقتصادي(توزيع عادل للثروة والدخل ليعيش الفرد حياة أفضل بحرية) أو على المستوى الاجتماعي(خلق تعليم قوي ورعاية صحية جيدة وضمان الشفافية وحماية الناس عبر شبكات الأمن الاجتماعي)؛ ويوجد المغرب بالنسبة للمؤشرات السياسية في وضع أفضل مقارنة بعدة دول عربية لكنه يظل ضعيفا فيما يخص المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية؛ أما التقرير الثاني فتحدث بتفصيل عن المعرفة وأكد أن الفريضة الغائبة في العالم العربي هي فريضة المعرفة رغم أن له إمكانيات هائلة لتطوير مقدراته في المجال المعرفي لكنها لم تُستغل بعد، وقد وضع هذا التقرير المغرب في رتب متأخرة؛ في حين ركز التقرير الثالث على قضية الحرية والحكم الصالح ووضعية الحريات بالعالم العربي، وأكد أن المنطقة العربية هي "سجن كبير للصحافيين"، وركز بشكل كبير على المؤشرات السياسية كما هو الشأن بالنسبة لمؤشر المشاركة السياسية للمرأة التي جعلت المغرب متقدما على العديد من الدول العربية؛ وتحدث التقرير الرابع عن واقع المرأة بالعالم العربي واضعا منظومة شاملة من الأولويات للتعجيل بنهوض المرأة؛ أما تقرير التنمية البشرية العربية الخامس للعام الجاري الذي صدر مؤخرا، والذي يقع في نحو300 صفحة تحت عنوان "تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية" فقد أشار إلى تقصير كبير لدى البلدان العربية على صعيد أداء الدولة في ضمان أمن الإنسان؛ وقد اعتمد التقييم أربعة معايير لتحديد ذلك هي "مدى قبول المواطنين لدولتهم، والتزام الدولة بالعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وكيفية إدارتها لاحتكار حق استخدام القوة والإكراه، ومدى قدرة الرقابة المتبادلة بين المؤسسات على الحد من إساءة استخدام السلطة". مبرزا أن الحريات في بعض الدول العربية مهددة خصوصا من خلال التعذيب، ومشيرا إلى أن أجهزة الأمن تنتهك حقوق المواطنين بالتعذيب والاحتجاز غير القانوني، ومؤكدا على أن عددا كبيرا من العرب يعيشون حالة من انعدام الحرية، ودعا التقرير الدولَ إلى اتخاذ سلسلة من التدابير من أجل تعزيز أمن الإنسان، على رأسها ضرورة تسوية النزاعات وتعزيز حكم القانون وحماية البيئة وحماية الفئات الضعيفة وإعادة توجيه دفة الاقتصاد مع القضاء على الجوع وإصلاح القطاع الأمني واستقلالية القضاء...، معتبرا أن "المماطلة ستزيد من انعدام أمن الإنسان".
إن مساحة الحريات المتاحة في الوطن العربي بصفة عامة تبقى محدودة عندما تقارن بمواقع كثيرة في العالم، لأن سلطة الدولة، حسب المنظمة المعنية بقياس الحريات في العالم "بيت الحرية" Fredem House وهي منظمة غير حكومية أمريكية تعتمد على مؤشرات قياسية يمكن بواسطتها تحديد الدول شبه الحرة والحرة والدول التي تنعدم فيها الحرية، لازالت مطلقة وغير خاضعة للمساءلة والتداول، وقد أشار أحد تقارير هذه المنظمة -رغم ما قد يقال عن انطباعية مثل هذه التقارير وعدم موضوعيتها- إلى أن اثنين فقط من الدول العربية كانت تقع في خانة الدول ذات الحريات السياسية هما الكويت ولبنان، ارتفعت إلى ست6دول عربية عام2006 هي: الكويت ولبنان والبحرين والأردن واليمن والمغرب.
وبالرجوع إلى تقارير التنمية البشرية العربية التي يرعاها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (وهي خمس تقارير لحد الآن)، نجد التقرير الأول ينظر إلى الحرية باعتبارها الغاية الأساسية للتنمية الإنسانية مؤكدا أن الهدف المتوخى من الحرية هو القضاء على انعدام الحريات سواء على المستوى السياسي(إعطاء الناس الحرية لكي يقرروا مصير من يحكمهم والمبادئ التي يحكمهم بها، ومنحهم القدرة لكي يراقبوا السلطات وضمان حرية التعبير وخلق صحافة حرة) أو على المستوى الاقتصادي(توزيع عادل للثروة والدخل ليعيش الفرد حياة أفضل بحرية) أو على المستوى الاجتماعي(خلق تعليم قوي ورعاية صحية جيدة وضمان الشفافية وحماية الناس عبر شبكات الأمن الاجتماعي)؛ ويوجد المغرب بالنسبة للمؤشرات السياسية في وضع أفضل مقارنة بعدة دول عربية لكنه يظل ضعيفا فيما يخص المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية؛ أما التقرير الثاني فتحدث بتفصيل عن المعرفة وأكد أن الفريضة الغائبة في العالم العربي هي فريضة المعرفة رغم أن له إمكانيات هائلة لتطوير مقدراته في المجال المعرفي لكنها لم تُستغل بعد، وقد وضع هذا التقرير المغرب في رتب متأخرة؛ في حين ركز التقرير الثالث على قضية الحرية والحكم الصالح ووضعية الحريات بالعالم العربي، وأكد أن المنطقة العربية هي "سجن كبير للصحافيين"، وركز بشكل كبير على المؤشرات السياسية كما هو الشأن بالنسبة لمؤشر المشاركة السياسية للمرأة التي جعلت المغرب متقدما على العديد من الدول العربية؛ وتحدث التقرير الرابع عن واقع المرأة بالعالم العربي واضعا منظومة شاملة من الأولويات للتعجيل بنهوض المرأة؛ أما تقرير التنمية البشرية العربية الخامس للعام الجاري الذي صدر مؤخرا، والذي يقع في نحو300 صفحة تحت عنوان "تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية" فقد أشار إلى تقصير كبير لدى البلدان العربية على صعيد أداء الدولة في ضمان أمن الإنسان؛ وقد اعتمد التقييم أربعة معايير لتحديد ذلك هي "مدى قبول المواطنين لدولتهم، والتزام الدولة بالعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وكيفية إدارتها لاحتكار حق استخدام القوة والإكراه، ومدى قدرة الرقابة المتبادلة بين المؤسسات على الحد من إساءة استخدام السلطة". مبرزا أن الحريات في بعض الدول العربية مهددة خصوصا من خلال التعذيب، ومشيرا إلى أن أجهزة الأمن تنتهك حقوق المواطنين بالتعذيب والاحتجاز غير القانوني، ومؤكدا على أن عددا كبيرا من العرب يعيشون حالة من انعدام الحرية، ودعا التقرير الدولَ إلى اتخاذ سلسلة من التدابير من أجل تعزيز أمن الإنسان، على رأسها ضرورة تسوية النزاعات وتعزيز حكم القانون وحماية البيئة وحماية الفئات الضعيفة وإعادة توجيه دفة الاقتصاد مع القضاء على الجوع وإصلاح القطاع الأمني واستقلالية القضاء...، معتبرا أن "المماطلة ستزيد من انعدام أمن الإنسان".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق