الثلاثاء، 22 يناير 2013

الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الانسان توجه مذكرة حول الحق الاضراب الــــــــى السادة: رئيس الحكومة وزير التشغيل وزير العدل والحريات السياق العام للمذكرة


الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الانسان توجه مذكرة حول الحق الاضراب الــــــــى السادة: رئيس الحكومة وزير التشغيل وزير العدل والحريات السياق العام للمذكرة

اصدرت وزارة العدل والحريات مذكرة تعتبر الاضراب تغيبا عن العمل وبالتالي تشرع اقتطاع يوم الاضراب من اجرة المضرب وقامت مجموعة من الوزارات والقطاعات الحكومية بتبني هذه المذكرة وإعلان نيتهم عزمهم على تطبيقها.
تأتي مذكرة الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الانسان لتساهم في ابداء رأينا في الموضوع حول موضوع الاضراب وفق مقاربة حقوقية تعتمد المواثيق الدولية لحقوق الانسان وكذا اتفاقيات وتوصيات منظمة العمل الدولية في الموضوع.
تقديم
لقد انتزع العمال حق الإضراب بقوة نضالهم، بل أنهم انتزعوه قبل تمكنهم من تنظيم أنفسهم في نقابات، ويؤكد التاريخ على أن فكرة تكوين النقابات كتنظيم دائم ومستمر للدفاع عن حقوق العمال وحماية مكتسباتهم قد جاءت وليدة لانتصار الإضرابات ونجاحها في تحقيق مكاسب وخشية العمال من ضياعها، فكونوا منظماتهم الدفاعية الدائمة لحماية هذه الحقوق وتطويرها.
إن حق الإضراب هو أحد الوسائل المتاحة للعمال ومنظماتهم لتعزيز وحماية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. وهذه المصالح لا تتعلق فقط بالحصول على ظروف عمل أفضل أو على حقوق جماعية ذات طبيعة مهنية، ولكنه وسيلة للوصول إلى حلول أفضل في السياسات الاقتصادية والاجتماعية وكل ما يتعلق بالعمال من مصالح وحقوق.
المرجعية الدستورية للاضراب بالمغرب
جميع الدساتير المغربية المتعاقبة تضمنت إقرار هذا الحق لكنها وعدت بتنظيم ممارسته بواسطة قانون تنظيمي، حيث ان الدستور المغربي الاخير ايضا نص في الفصل 29 منه (الفقرة الثانية) على أن "حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته"، ومن المعروف أن الدستور عندما يحيل أمر تنظيم موضوع أو حق على قانون تنظيمي، فذلك باعتبار أّميته الدستورية، ولذلك فالقانون التنظيمي يعرض كمشروع على المجلس الدستوري قبل المصادقة عليه وهذه المسطرة غير معتمدة في القوانين العادية (التشريع العادي) و(التشريع الفرعي) حيث ان الهدف من هذا العرض أن يراقب المجلس الدستوري مدى ملائمة مشروع القانون التنظيمي مع الدستور.
المواثيق الدولية
نصت المادة الثامنة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على:
تتعهد الدول بكفالة ما يلي:
(أ) حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفي الانضمام إلي النقابة التي يختارها، دونما قيد سوى قواعد المنظمة المعنية، بقصد تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها، ولا يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لأية قيود غير التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
(ب) حق النقابات في إنشاء اتحادات أو اتحادات حلافية قومية، وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها.
(جـ) حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية، دونما قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
(د) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعني.
نصت المادة (20) من الإعلان العالمي للتقدم الاجتماعي والتنمية(سنة 1969)وهو الإعلان الذي استهدف التأكيد على إيمان الأمم المتحدة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وبمبادئ السلم وكرامة الشخص الإنساني وقيمته والعدل الاجتماعي، ويدعو إلى العمل قوميا ودوليا على اتخاذه أساسا مشتركا لسياسات الإنماء الاجتماعي نصت هذه المادة على:
منح النقابات حريات ديمقراطية كاملة، ومنح جميع العمال حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، بما في ذلك حق المفاوضة الجماعية والإضراب والاعتراف بحق تكوين منظمات عمالية أخرى، واتخاذ التدابير اللازمة لتأمين مشاركة النقابات بصورة متزايدة في الإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وتأمين مشاركة جميع أعضاء النقابات فعلا في تقرير المسائل الاقتصادية والاجتماعية الماسة بمصالحهم.
وقد استقرت أجهزة منظمة العمل الدولية على أن منع الإضراب يقلل من الوسائل المتاحة للنقابات من أجل تدعيم مصالح أعضائها والدفاع عنهم، ويعد تقييدا لحقها في تنظيم أنشطتها، وهو ما يخالف مبادئ الحرية النقابية. كما أكدت المنظمة الدولية على أنه، وحتى لو كان هذا المنع يتم بسلطات الطوارئ أو لمواجهة أزمة، فأنه يعتبر قيدا على إمكانية ممارسة النقابات لأنشطتها، وأن منع الإضراب- وفي كل الأحوال- يعد قيدا على إحدى الوسائل الهامة المتاحة للعمال لتدعيم مصالحهم.
وفي نفس الوقت تؤكد المنظمة على ضرورة حماية العمال المضربين من التعصب أو توقيع العقوبات ضدهم أو ضد قياداتهم بسبب ممارستهم الإضراب.
وقد أكدت لجنة الحرية النقابية على أن الموظفين العموميين الذين يعملون في مهن التدريس أو في قطاع النقل لا يجوز تقييد حقهم في الإضراب. وكذلك للعاملين بأعمال الموانئ، أو إصلاح الطائرات، أو خدمات النقل، أو أعمال البنوك، أو الأنشطة الزراعية، أو المناجم، أو صناعات المعادن، أو البترول، أو التعليم، أو توريد وتوزيع المواد الغذائية، أو صك العملة، أو مطابع الدولة، أو احتكارات الدخان والملح، أو منشآت إنتاج البترول، فجميعها لا يعرض الحياة أو الصحة أو السلامة للخطر، وبالتالي لا يجوز منع الإضراب فيها. ويمكن للحكومة، وبكل بساطة أن تشترط ضمان استمرار الخدمات الأساسية بحدّها الأدنى لاستيفاء مشروعية الإضراب. لكن منظمة العمل الدولية لا ترى إلزام الحكومات بهذا الخيار.
اشكال الاضراب
تتخذ الإضرابات أشكالا مختلفة، (مثل الوقوف مكتوفي الأيدي، أو العمل بدون حماس، أو التباطؤ في العمل، أو إضراب الجلوس على الأرض، أو احتلال المنشأة، أو الامتناع عن العمل،أو وقف العمل والاعتصام في أماكن العمل، وغيرها)، تعتبر جميعها أشكالا صحيحة ومشروعة لممارسة الاحتجاج ما لم تفقد طابعها السلمي. أما إضرابات التعاطف أو التضامن مع إضرابات أخرى فقد أقرت لجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية مشروعيتها، ما دامت تؤيد إضرابا شرعيا.
وفي جميع الأحوال يجب أن تكون الشروط الموضوعة لاعتبار الإضراب مشروعا معقولة، وألا يكون من شأنها التقليل من الوسائل المتاحة أمام العمال ومنظماتهم لتحسين أحوالهم.
تنظيم الاضراب
من المقبول ان يشترط إخطار صاحب العمل قبل الدعوة للإضراب أو وجود فترة تهدئة أو سماح للتفاوض قبل الدعوة للإضراب، ولكن بشرط أن تكون هذه الإجراءات بسيطة وغير ثقيلة بحيث تجعل حدوث إضراب شرعي أمرا مستحيلا في الواقع.
كما يمكن قبول فرض اتخاذ إجراءات تحكيم وتوفيق قبل الدعوة إلى الإضراب، ولكن ذلك في الحالات الخاصة بمواقع الخدمات الجوهرية والخدمات العامة.
ولا يكون مقبولا من مبادئ الحرية النقابية أن يسمح القانون للوزير أو سلطات العمل أن تحول منازعات العمل إلى التحكيم الإجباري كلما تراءي لها ذلك. وترى لجنة الحرية النقابية أن نظام التحكيم الإجباري ووقفه لحق الإضراب يؤدي إلى تقييد حق العمال ومنظماتهم في تنظيم أنشطتها، ويعني ضمنا تقييد ومنع حق الإضراب.
ولا يكون تقييد الحق في الإضراب مشروعاً إلا في حالة العاملين بالخدمة الحكومية الأساسية، الموظفون المدنيون العاملون في إدارة الدولة في الخدمات الأساسية فقط، أي تلك الخدمات التي قد يهدد توقفها السلامة العامّة، أو الصحّة.
وعند حرمان النقابات من حق الإضراب، لا بدّ من وجود إجراءات بديلة للوساطة، والتحكيم وتسوية المظالم. وتشمل "الخدمات الأساسية" عادة مياه الشرب، والكهرباء، والهاتف، وضبط حركة المرور، والخدمات الصحية.
وفي حالة تقييد حق الإضراب أو منعه في مرافق الخدمات العامة، يجب أن يكون ذلك مصحوبا ببعض الضمانات التعويضية، لأن هذا المنع يحمل تعسف بحقوق العمال وحرياتهم خاصة إذا ما توسع في تحديد معنى الخدمة العامة أو إذا لم يحدد الضمانات التي يجب أن تصاحب القيود التي قد تفرض على حق الإضراب في المرافق العامة. ويجب أن تشمل هذه الضمانات نظاما مناسبا ومحايدا وسريعا لعمل إجراءات توفيق وتحكيم، يشترك ممثلي العاملين في كل مراحلها مع ضمان تنفيذ أحكامها فور صدورها بالكامل وبسرعة. كما اتفق على ربط منع الإضراب يمنع الإغلاق.
وتعد مسألة الإضراب في إطار الخدمات الأساسية من المسائل الملتبسة، مما دفع منظمة العمل الدولية لأن تسمح للحكومات بأن تحظر الإضرابات في أوساط هذه الخدمات. غير أن نقابات العمال في بعض الدول نجحت في أن تنظّم إضراباتها بطريقة لا تعرّض السلامة العامة والصحة إلى الخطر من خلال ضمان تقديم الحد الأدنى من الخدمات الضرورية أثناء الإضراب.
وبذلك أصبحت القاعدة الحقوقية المقرة "أنه ما دامت النقابات قادرة على حفظ السلامة العامة والصحة فيكون حق الإضراب في المنشآت الحكومية الخدمية مشروعا". وإن كان يمكن فرض قيود- تنظيمية- في بعض القطاعات لضمان شروط الأمان في المنشآت باستمرار حد أدنى من العاملين اللازمين لتشغيل الماكينات والمعدات الضرورية لمنع وقوع الحوادث أو التدمير، وضمان استمرار العمليات الضرورية لتجنب تعريض حياة وسلامة وصحة جموع السكان أو جزء منهم للخطر.
لا يجوز أن تلجأ السلطات إلى القوة لفض الإضراب إلا في الحالات التي تهدد القانون تهديدا خطيرا، ويعتبر استخدام أجهزة الأمن لإنهاء إضراب انتهاكا للحقوق النقابية.
كما يمثل اعتقال المضربين أو فرض عقوبات عليهم تهديدا خطيرا للحرية النقابية، ولا يجوز- إطلاقا- تطبيق عقوبات جنائية على العمال الذين يشاركون في الإضرابات، كما لا يجوز فرض جزاءات على الموظفين العموميين لمشاركتهم في الإضراب، لأن ذلك يؤدي إلى زعزعة علاقات العمل وعدم استقرارها.
  أما اتخاذ إجراءات خطيرة ضد العمال بسبب اشتراكهم في إضراب، مثل فصلهم أو رفض إعادة تشغيلهم فهو يتضمن خطرا شديدا وتعسفا، ويمثل انتهاكا للحرية النقابية، أما إذا تم فصل نقابيين لممارستهم حق الإضراب فإن ذلك يعد عقابا على ممارسة النشاط النقابي، وهو إجراء غير مشروع.
 كما لا يجوز اعتبار دعوة العمال الآخرين للانضمام للإضراب سلميا، ولو في حزم، أو الابتعاد عن أماكن العمل مخالفا للحقوق النقابية. كما أُعتبر استخدام عمال من خارج المنشأة ليحلوا محل العمال المضربين اعتداءا على حق الإضراب والحرية النقابية.
الانتهاكات الشائعة في حق الإضراب:
رصدت لجنة الحريات بمنظمة العمل الدولية أهم صور انتهاك الحرية النقابية في ممارسة حق الإضراب، وضمنتها تقاريرها الدورية كما يلي:
الحظر التام على الإضرابات. (تقرير الحريات، لسنة 1983، ص 205).
التعليق المؤقّت للإضرابات. (تقرير الحريات، لسنة 1983، ص 206).
استبدال الحق في الإضراب بالتحكيم الإلزامي. (التقرير العام لسنة 1996، ص 500).
فرض شروط مطولة وشاقة تسبق الإضراب للتفاوض، والمصالحة، والتحكيم، بحيث يصعب الدعوة إلى إضراب قانوني. (تقرير الحريات، لسنة 1983، ص 219).
حظر الإضرابات في مدن الصناعات التصديرية (المناطق الحرة) والصناعات الناشئة أو المنشآت المملوكة للدولة. (تقرير الحريات، لسنة 1994، ص 169).
التعريف الفضفاض لعبارة "الخدمات الأساسية". (مثل تحريم الإضراب على عمّال السفن وخدمات النقل، والصناعات النفطية، والمعلّمين، وعمّال البريد، وعمال المصارف...الخ). (التقرير العام لسنة 1996، ص 545).
استخدام أساليب تكتيكية لإنهاء الإضراب:
التسويف والتطويل المبالغ به في الوساطة الإجبارية أو إجراءات التحكيم. (تقرير لحريات لسنة 1994، ص 171).
التدخل الإداري من قبل مسئولي الحكومة. (تقرير مجلس الإدارة حول الحريّات النقابية رقم 262، القضية رقم 1444).
التدخّل الجسدي أو تهديد العمال. (التقرير العام لسنة 1996، ص581-582).
فرض عقوبات مبالغ فيها على الإضرابات، (مثل السجن أو العمل القسري). (تقرير الحريات، لجنة القانون الدولي لسنة 1983، ص 223).
الاعتماد على الشرطة لإنهاء إضراب. (التقرير العام لسنة 1996، ص 573 و 579).
شروط فرض قيود على الحق في الإضراب:
حالة الطوارئ، على أن تكون طوارئ فعلية على مستوى الأمّة، مثل الحرب، ولفترة محددة (التقرير العام لسنة 1985، ص 421-423).
إلزام التنظيمات المهنية بضمان استمرار عمل الكوادر اللازمة لسلامة الآليات والأجهزة، ومنع وقوع الحوادث.
تحمل الحكومة مسؤولية استمرار عمل الخدمات الأساسية لصالح المجتمع. ويمكن تبرير اللجوء إلى الشرطة أو الجيش في ذلك للحفاظ على النظام أو ضمان استمرارية الخدمات الأساسية في الحالات التي يؤدي فيها ذلك لوقوع أخطار شديدة. (التقرير العام لسنة 1996، ص 528 و 577).
اشتراط الإشعار المسبق بالإضراب أو اتخاذ إجراءات مصالحة، على أن تكون معقولة وفي الوقت المناسب. (التقرير العام لسنة 1996، ص 501-502).
طلب التصويب بطريقة الاقتراع السرّي أو تحقيق نصاب معقول لتنفيذ الإضراب. (التقرير العام لسنة 1996، ص 503 و 506-510).
الاستثناءات:
استثنت منظمة العمل الدولية بعض الحالات من قواعد الحرية النقابية، مثل:
الإضرابات ذات الطبيعة السياسية البحتة، والإضرابات التي تقع قبل وقت طويل من إجراء المفاوضات. (تقرير الحريات، لجنة القانون الدولي لسنة 1983، ص 216).
الإضرابات المعتمدة على العنف أو غير القانونية. وأُعتبر تدخّل الشرطة فيها مقبولاً للحفاظ على النظام العام وبشرط أن لا يقيّد الحق المشروع للعمال في الإضراب. (التقرير العام لسنة 1996، ص 579و 586).
اللجوء إلى القوّة في الظروف العصيبة جداً التي يكون النظام العام فيها معرضا لتهديد شديد الخطورة.
الاقتطاع من اجور المضربين حالة المغرب
يجب ان نؤكد على غياب القانون التنظيمي للإضراب، وحيث ان التعليل الذي اوردته مذكرة وزارة العدل والحريات علل الاقتطاع بالتغيب غير المبرر، وبالرجوع الى حالات الاقتطاع من الأجرة العمومية على حالات التغيب القانونية لا نجد من بينها الإضراب، لأنه ليس تغيبا لغة وقانونا، والقوانين الوطنية لم تمنع ممارسة هذا المحق وبالتالي فهو لا يدخل ضمن التغيبات غير المبررة.
وعلى هذا الأساس فإن الاقتطاع من الأجرة بسبب الإضراب باعتباره تغيبا غير مبرر ينطوي علي تفسير تعسفي لحالات التغيب غير المبرر على اعتبار أن الموظف لم يتغيب واذا ما تم اعتبار الإضراب  تغيب غير مبرر فهذا يعني تحريم ممارسة هذا الحق على الموظفين، وهذا أمر يناقش قانونيا ويترتب على هذا الاعتبار مسؤولية الحكومة في التعليل غير المطابق للحقيقة. إذ كان عليها أن تكون واضحة وترجع هذا الاقتطاع إلى سببه الحقيقي ألا وهو الإضراب عن العمل علما ان النصوص الصريحة في منع ممارسة حق الإضراب جاءت حصرية بالنسبة لبعض فئات الموظفين ويتعلق الأمر ب:
- ظهير فاتح مارس 1963 المتعلق بمتصرفي وزارة الداخلية.
- مرسوم 12 نونبر 1974 المتعلق بموظفي إدارة السجون.
- ظهير 11 نونبر 1974 الخاص برجال القضاء.
فهي النصوص التي تحرم صراحة على هذه الفئات من الموظفين العموميين ممارسة حق الإضراب باعتباره ممارسة مرتبطة بالحق النقابي، وهؤلاء يحرم عليهم أيضا ممارسة الحق النقابي، بمعنى أن تحريم حق الإضراب بالنسبة لهؤلاء ناتج - منطقيا - عن حرمانهم من التمتع بالحق النقابي.
وهذه النصوص الصريحة تفيد بمفهوم المخالفة أن باقي الفئات من الموظفين لايشملهم هذا التحريم، وبالتالي فإن من حقهم ممارسة الحق النقابي والذي يستتبع ممارسة حق الإضراب باعتباره أحد مظاهر ممارسة الحق النقابي.
إذا كانت السلطات الحكومية تلجأ إلي استعمال مرسوم 5 فبراير 1958 لمنع حق الإضراب على الموظفين كما حصل في مواجهة إضرابات 1979 فإن هذا الاستعمال يجانب الصواب من الناحية القانونية ويسقط بالتالي في عدم المشروعية للاعتبارات التالية:
أ ـ المرسوم المذكور ينص على أن كل توقف عن العمل بصفة مدبرة وكل عمل جماعي أدى إلى عدم الانقياد بصفة بينة يمكن المعاقبة عليه خارج نطاق الضمانات التأديبية بالنسبة لجميع الموظفين وأعوان الإدارات والمكاتب والمؤسسات العمومية.
وفي رأينا فان الأمر هنا لا يتعلق بالإضراب بالمفهوم القانوني الصحيح أكثر ما يتعلق بالتمرد والعصيان، وهذا التفسير هو الذي ينسجم مع مقتضيات القانون الأساسي للوظيفة العمومية الصادر بمقتضى ظهير 15 فبراير 1958 والذي يعتبر في التربية القانونية أعلى و أقوى من المرسوم، ولو كان المشرع يعتبر الإضراب من التغيبات غير المبررة لنص عليه صراحة ضمن قائمة التغيبات غير المرخصة، ومكان ذلك هو القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
ب - في جميع الأحوال فان مرسوم 1958 لم يعد له معنى أو وجود قانوني بعد صدور دستور 1962 الذي اقر حق الإضراب بصيغة عامة وهي الصيغة المكرسة بالدساتير اللاحقة وبالتالي أصبح اللجوء إلى هذا المرسوم يتسم بعدم احترام المشروعية الدستورية التي يكتسيها حق الإضراب.
ج - إن مرسوم 1958 في فصله 5 لا يتعلق بحق الإضراب وإلا كيف يمكن التوفيق بين إقرار نفس المرسوم لممارسة الموظف للحق النقابي وعدم تأثير الانتماء النقابي على وضعيته و حقوقه الإدارية (الفصل 2) ثم يأتي بمنع حق الإضراب مع ان هذا الحق هو من صميم ممارسة الحقوق النقابية.
كما ان المدكرة استشهدت يمدونة الشغل وفي هذا الصدد يجب التنبيه من عدم الجدوى من استعمال القياس مع الوضعية القانونية لأجراء القطاع الخاص مادام أن هؤلاء يرتبطون بعلاقة تعاقدية بينما يرتبط الموظفون بإدارتهم بعلاقة نظامية..ثم إن ممارسة الحق النقابي من طرف الموظف تبقى خاضعة لظهير 16 يوليوز 1957 المتعلق بالنقابات المهنية والقانون الوظيفة العمومية وانطلاقا من ذلك فمناقشة موضوع الاقتطاع لا يمكن أن يتخذ وضعية القطاع الخاص مرجعية له.
وهذه العلاقة هي التي أكدت عليها منظمة العمل الدولية في عدة مناسبات ولعل أهمها تلك الدراسة الهامة لسنة 1994 التي أنجزتها لجنة الخبراء بخصوص تطبيق الاتفاقية 89 حول الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية والاتفاقية 78 حول الحرية النقابية بصورة متينة وضيقة وأن حق الإضراب هو حجرة الأساس التي يرتكز عليها الحق النقابي, وان تعطيل ممارسة الإضراب يعني تحريم الحق النقابي، ومادام هذا الأخير مكفولا للموظفين، فلا يمكن منع ممارسة الإضراب أو اتخاذ إجراءات عقابية بمناسبة ممارسته.
إذن فالاقتطاع من أجرة الموظفين بسبب ممارسة الإضراب باعتباره تغيبا غير مبرر حسب تعليل قرارات الاقتطاع يبقى أساسه القانوني مفتقدا في غياب القانون التنظيمي للإضراب.
ولا يمكن تعليل ذلك بغياب المشروعية مادام الإضراب ممارسة لحق دستوري وتمت ممارسته في حدوده المهنية المعروفة، أي بناء على مطالب مشروعة ودون أن يصاحب بأية ممارسات ماسة بالنظام العام. كما لا يمكن أن يبرر ذلك أيضا بمسؤولية الإدارة في ضمان السير العادي للمرافق الحيوية، لأن مثل هذا التعليل يبقى حسب منظمة العمل الدولية منحصرا في حدود جد ضيقة، عندما يتعلق الأمر بتهديد حال لسلامة وأمن المواطنين، ونحن بعيدون في الإضرابات المذكورة عن هذا المفهوم.
الخلاصة
احتراما لالتزامات المغرب الدولية يجب ان تتوقف الحكومة المغربية عن سلوك مسطرة الاقتطاع، وإذا كان هناك من تدبير تراه الحكومة لتنظيم ممارسة حق الإضراب, فما عليها إلا أن تباشر التفاوض مع باقي الفرقاء من أجل إخراج القانون التنظيمي الموعود به إلى حيز الوجود, وكذلك القانون المنظم للنقابات المهنية والحوار الاجتماعي، وفي الوضعية الحالية فلاشيء يسمح له باتخاذ تدابير تتسم في هذه الوضعية بالشطط في استعمال السلطة لغياب أساس المشروعية وطنيا ودوليا.
الرباط في:15 يناير 2013
 عن المكتب التنفيذي
للاتصال والتواصل 0663241693 // 0661196662   الفاكـــــس: 0537391066
البريد الالكتوني:adhmaroc@yahoo.fr

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق