الأربعاء، 16 يناير 2013

السينما الامازيغية تحاكم المؤسسات الاعلامية في تجاهلها وتهميشها للفن السينمائي الامازيغي

السينما الامازيغية تحاكم المؤسسات الاعلامية في تجاهلها وتهميشها للفن السينمائي الامازيغي

الكاتب محمد طامطام:
حوار مع الفنان العصامي احمد بادوج من التاسيس الى التاصيل للسينما الامازيغية.... اشكالات ورهانات! ! !
احمد بدوج من خشبة المسرح الى التمثيل الى السيناريو الى الاخراج الى الانتاج... مؤسسة في صيغة المفرد!
منذ بداية التسعينيات الى الآن والفيلم الامازيغي يعرف نموا كميا متصاعدا دون ان يواكبه التطور الكيفي نظرا لغياب التكوين والتاهيل في ميدان السينما المغربية والامازيغية خصوصا، والى الان يمكن ان نحصل على ما يقارب 300 فيلم امازيغي تتنوع من حيث التمثيل والديكور، وتتفاوت من حيث الجودة في التصوير والاخراج، وتتشابه من حيث المضامين والموضوعات، و(صحيح ان هناك موجة من المخرجين وكتاب السيناريو الشباب ظهرت في السنوات الأخيرة وأبانت عن مؤهلات قابلة للتطور من خلال تكوين مستمر وفعال...لكن عقلية المنتج التاجر لا تزال تشكل عائقا أمام ترويج أ فلام ناضجة تحمل رسالة وتؤديها، بحيث أن تفضيل المنتج التعامل مع قصص فجة الحوار غير ذي مقومات درامية يكون وراء تكلفة مع تمطيط الفيلم الواحد إلى مجموعة أجزاء لا تخضع لمعايير فنية أو درامية...)محمد بلوش ، الفيلم الامازيغي اسئلته ورهاناته ص 36 .
ووصل الانحلال الإبداعي في بعض الأفلام الأمازيغية إلى حد قرصنة أفلام هندية ومصرية مع تمزيغها خارج شروط (مغربة العمل المقرصن)مما اثر في نهاية المطاف اعمالا لا علاقة لها بالواقع المحلي المعاش ، إن تشريح متن عدد من الإ نتاجات السينمائية الأمازيغية يمكننا من الوصول الى التأكيد على فقرها الإبداعي والتقني ،لكون عدد من الشركات الانتاجية تفننت في "تمييع" الذوق الفني الجماعي، وتبليد الرؤية البصرية للمتلقي من خلال انتاجها لأعمال بدائية، مبتذلة دون الاشتغال على سيناريوهات محبوكة وفق قواعد الكتابة الدرامية، وقليلة تلك الابداعات السينمائية الرائدة التي تتوفر فيها شروط الكتابة السيناريستية ، وابداع التصوير والاخراج، وعلى راس هذه الانتاجات تلك التي ساهم في انتاجها واخراجها نجوم مسرحيي"تيفاوين"من امثال: احمد بادوج ،واحمد عوينتي ،وعبد اللطيف عطيف واحمد نصيح، فهؤلاء كونوا منذ بداية الثمانينيات فرقة "تيفاوين للمسرح "، وقدموا عروضا رائعة في المسرح الامازيغي بل إن الفرقة تعرضت أوآئل التسعينيات لحادثة سير عنيفة وهي متجهة لمدينة الدار البيضاء لأداء عرض مسرحي ، فكان أن أدى جل الممثلين أدوارهم بضمادات توازي في الألآم التي تحاول مداراتها الم اقتراح ادارة الجمعية على القناة الاولى تصوير المسرحية، فكان المقابل المقترح هو اكتفاء القناة بالدعاية الإشهارية مقابل حق التصوير والبث) وكانت هاته الفرقة تنشط في كل المناسبات وتقدم العروض لكل الفئات وتكافح لاجل تطوير هذا الفن الاممي وسجلت عددا من مسرحياتها لفائدة الاذاعة الجهوية وخصوصا مسرحية (اجميل لغرض)والذي سيتحول فيما بعد إلى فيلم أمازيغي يحمل نفس العنوان من اخراج "احمد بادوج".
وفي هذا اللقاء الصحفي حيث حاورنا هذا الفنان المبدع العصامي الذي دخل المسرح والفيلم والإخراج بإمكانيات ذاتية ،طورها بشكل عصامي رغم انه صاحب حرفة يرتزق بها(توربيناج) يشتغل نهارا في ورشته ،ويبدع مساء باحدىدور الشباب بمدينة انزكان لأجل نهضة مسرحية امازيغية ،حتى استطاع ان تكون له أول فرقة مسرحية بالمدينة تعني بالتراث والفن والموسيقى الامازيغية، انه معلمة غنية وسينمائية ابتدأت مشوارها الفني في تنشيط حفلات شعبية كانت تقام على هامش عيد الأضحى في كل من انزكان ،والجرف، وتراست، والدشيرة، ثم شرع في تقديم عروض عبارة عن سكيتشات، او عروض مسرحية قصيرة إلى أن استطاع بإمكانياته المادية المحدودة، من تاسيس فرقة("تيفاوين" / "الأنوار") وبعد مشاركته المتميزة بمسرحيات امازيغية في جل المدن المغربية استطاع ان يلج ميدان الفيلم تمثيلا وكتابة واخراجا.
ان احمد بادوج كان دعامة اساسية في فرقته الانوارية من خلال الاضطلاع بمهام السيناريو والاخراج اضافة الى حضوره المستمر كممثل، ونصوصه غالبا ما تعالج قضايا اجتماعية مغلفة بكثير من المواقف الكوميدية التي يضطلع بتشخيصها مع زملائه في الفرقة امثال: احمد عوينتي ،و عبد اللطيف عطيف، ونذكر افلام: "اجميل لغرض" ـ "تاكوضي "ـ "تيتي ـ ن ـ واضان "ـ اسنتال"... محمد بلوش المرجع السابق ص49 .
ولاحمد بادوج فضل كبير على عدد من الممثلين الذين ساعدهم بالظهور في افلام كثيرة ، وساهم في ابراز مواهبها وملكاتها الابداعية في التمثيل واليوم وصل هذا الهرم الفني الى المساهمة والمشاركة في سيتكومات تليفزيونية كبيرة له فيها الدور الاساسي والمركزي ك: ("تيكمي مقورن"/"الدار الكبيرة") والفيلم السينمائي الامازيغي("تيليلا")و ("تامازيرت اوفلا") وفيما يلي الحوار الذي سجلناه مع هذا الفنان العصامي "احمد بادوج".
1 ـ بصفتكم من الممثلين الاوائل الذين ولجوا السينما الامازيغية، فماذا تغير من هاته السينما بين الامس واليوم؟
جواب: يقارن احمد بادوج بين الامس واليوم في السينما الامازيغية، حيث يرى ان السينما الامازيغية ما تزال تحبو، بل انها ما تزال في مرحلة جنينية حيث لم يتغير الاشكل التسويق من اشرطة ( vhs) الى اقراص مدمجة (vcd)او (dvd) فالفيلم الامازيغي وليس السينما الامازيغية تعاني من انعدام الاهتمام بها من طرف مؤسسات الدعم السينمائي الوطني، وتعاني من القرصنة، لذا فان الفيلم الامازيغي سيبقى محدودا في التاثير ومحدودا في الانتشار ، اذا لم تساهم مؤسسات عديدة وخصوصا القنوات الاعلامية العمومية والمركز السينمائي المغربي، في الاخذ بيد المساهمين في الانتاج السينمائي الامازيغي، ولقد حاول بعض المنتجين بعرض انتاجاتهم السينمائية في قاعات وصلات العرض مثل فيلم ("تيليلا") للمخرج المرحوم محمد مرنيش، وافلام بعض المخرجين في منطقة الريف، الى ان ذلك لم يساعد على نشر الاشعاع التجاري والاعلامي والفني للفيلم الامازيغي بل اكثر من ذلك فان حقوق الممثلين لا تصان، وحقوق الانتاج لا تحترم ،وحقوق الابداع والكتابة غير موجودة، مما يجعل ظروف انتاج وتسويق الفيلم الامازيغي اشبه بعرض المنتوجات الفلاحية التي يتحكم السماسرة في اثمانها وبيعها ونحن كاالفلاح الذي يزرع ويسقي ويبيع للسماسرة بالثمن الذي يريدونه ، فلا حقوق ولا صيانة لا انتاجاتنا،والتي هي صورة لهويتنا وقيمنا ،ولغتنا الأم وهذا ما لم يفهمه القائمون على راس المركز السينمائي المغربي الذين ينظرون الى انتاجاتنا بنوع من الدونية وهم يسيؤون لثقافتنا ولغتنا الأمازيغية فلماذ يجزلون العطاء للمهرجانات السينمائية في مراكش وطنجة وتطوان وخريبكة... ولايستفيد فنانونا ومخرجونا وكتابنا السينمائيون من ذلك الدعم المفرط للآخرين؟ وهذا ما يبين ان هذا المركز السينمائي المغربي ليس مغربيا بالكامل اذا لم يعمل من اجل نهضة سينمائية أمازيغية كما يفعل مع السينما المغربية بالعربية الفصحى او الدارجة او بالفرنسية، فمغربنا مغرب متنوع بالثقافات وموحد الوجدان والهوية الوطنية.
2 ـ في اول فيلم امازيغي ظهر في الساحة السينمائية المغربية( تمغارت ن ؤورغ) وفي الافلام الامازيغية الجديدة هناك تنوع ، فهل نجد في السينما الامازيغية ما يمكن نعته بالسينما الملتزمة بالهوية الامازيغية؟
جواب : اماعن ارتباط السينما الامازيغية بالهوية والارض الامازيغية فيرى الفنان احمد بادوج ان السمة الغالبة في الفيلم الامازيغي هو الحضور الكثيف للبادية السوسية بشكل مطلق ، والحفاظ على اللسان الامازيغي الاصيل كتابة ،وصورا، وان كان الهدف الاساسي من الارتكاز على الفضاء القروي هو بدافع التكلفة المادية المنخفضة في الانتاج، حيث يساهم مهنا السكان القرويون في اداء الادوار الثانوية او الكومبارسية ويضعون رهن اشارة المنتجين والممثلين بل منهم من يساهم معنا في التنقل والتبضع والتغذية ويوفرون لنا ما نحتاجه فقط لاجل تصوير معاناتهم وايصال صرخاتهم ولو عبر الفيلم انهم حقا هم يحتضوننا اكثر مما تحتضنا المؤسسات المختصة بالانتاج السينمائي او القنوات الاعلامية العمومية، وهذا الوجه المضيء لساكنة البادية هي التي جعلتنا نرتبط بفضاءاتها ونبدع فيها ديكوراتنا وملابسنا ونقدم من خلالها الصورة النقية والمضيئة للانسان الامازيغي (نكران الذات ـ الارتباط باللغة الام ـ الالتصاق بالارض ـ احترام المراة ـ التربية على احترام الصغير للكبير ـ قول الحق ـ التمسك بالدين ـ الحضمة والوقار ـ الكلام الموزون...) كل هذه الموضوعات لها ارتباط بالانسان الامازيغي وبهوية الامازيغي وحب الارض وتراثه( الفنون ، الاغاني الشعبية ـ الرقصات الجماعية..) وتجد بعض هذه الافلام توظف الغناء والرقص والنظم وكلها جوانب فنية تغني التراث الامازيغي وتحافظ عليه، اما الافلام الامازيغية المصورة في المدينة فغالبا ما تبدو قليلة ولكنها ملتصقة بالانسان وبوضعه الاجتماعي ( الاسواق ـ الحافلات ـ الطاكسي ـ التجارة..) وهي الاخرى تصور الاسرة في المدينة ولكنها في علاقاتها وسلوكياتها تظهر الفوارق بين البادية والمدينة على مستوى القيم والسلوكيات.
3 ـ ما الفرق بين السينما المغربية الناطقة بالامازيغية والسينما المغربية الناطقة باللغة واللهجة الدارجة العربية؟ هل الفرق لغوي ام هوياتي؟
جواب: ان الاختلاف بين الفيلم الامازيغي والافلام المغربية الاخرى لا يرى احمد بادوج أي فرق بينهما لان الفيلم صورة ملتصقة للواقع ومحاكاة المجتمع وآلة التصوير تنقل ما يوجد لامالا يوجد ، والمخرج يتدخل بقراءته وابداعه لنقل الواقع فيصوره ويحاكيه وينقله وكلنا نفعل ذلك فلا خلاف ولا اختلاف الا في اللغة التي نحاكيها ونتكلم بها وهي لغة الام، اللغة الصادقة التي نتكلم عن مظاهرنا وقيمنا ووجداننا، ان الفرق بين الفيلم الامازيغي والمغربي بلغاته العربية الفصحى او الدارجة المغربية او الفرنسية هو فرق في الامكانيات المرصودة لهذا الاخير والتشجيع الذي يلقاه من قبل المركز السينمائي المغربي والقنوات التلفزيونية العمومية، في حين ان الفيلم الامازيغي لايجد مساندة او تشجيعا حتى في تسويقه فبالأحرى في انتاجه، واحتضانه وقد نلجا نحن الممثلين الى حماية انتاجنا بالطواف بين الاسواق والقيساريات لمحاربة القرصنة التي تهدد معيشتنا وتهدد في الاصل انتاجاتنا وابداعتنا وتراثنا عموما ،اننا كممثلين يتم التعامل معنا من طرف المؤسسات الاعلامية العمومية بنوع من التحقير والاستصغار وكاننا لسنا مبدعين ولا ابداع في الفن الامازيغي هذا هو الفرق فرق في الامكانيات وفرق في الوسائل لاغير.
4 ـ يلاحظ ان تجربتكم في الفيلم الامازيغي فيها مؤثرات وتقنيات مسرحية فهل يرجع السبب الى كونكم توظفون خبرتكم وموهبتكم في القيلم الامازيغي؟
ان ارتباطي بالمسرح الامازيغي، وتوظيفي لهذا الاخير في تطوير السينما الامازيغية، حيث يجيب الفنان احمد بادوج بحسرة وحرقة، ويتذكر كيف ان المسرح هو من وطد مكانته وشموخه، وعزز مكانة الفيلم الامازيغي، ووقف طويلا عند الفرقة المسرحية الوحيدة التي اضاءت سماء الفن المسرحي بسوس، بممثليها امثال: احمد نصيح، واحمد عوينتي، وعبد اللطيف عطيف.. وآخرون وكانوا كلهم اعمدة راسخة لجمعية تيفاوين قدموا مسرحيات في كل ارجاء الوطن وخصوصا بمدن وحواضر سوس ومن المسرحيات الخالدة التي عززت مكانة هذه الفرقة("اجميل لغرض") و("تكوضي") وقد حولتا فيما بعد الى انتاج سينمائي، لكن في نظر الفنان كان لهذه الفرقة دور بارز في تكوين عدد من الممثلين السينمائيين الامازيغين الذين يقدمون ادوارا اساسية في جل الافلام المعروفة في سوق السينما الامازيغية، كما ان الفرقة المسرحية ساعدت في تشكيل الوعي الفني لدى المتلقي والمتفرج الامازيغي، وهذا ما بين العلاقة الوطيدة والحميمية بين المسرح والسينما ، فالمسرح مدرسة للتكوين والتاهيل، والسينما مجال لاستعراض المؤهلات الفنية والملكات الابداعية للممثل ، اذن فالسينما لاوجود لها في غياب نهضة مسرحية.
5 ـ هل تحملون مشروعا سينيمائيا اجهض بفعل غياب الدعم المادي حيث يشاع انكم تفكرون في صناعة سينمائية جديدة؟
ان سؤالكم هذا عن المشاريع السينمائية التي اتطلع الى اخراجها للجمهور المتعطش للابداع السينمائي الامازيغي، فانني أؤكد لكم على انني أتوفر على كثير من المشاريع السينمائية على شكل مسلسلات ،وسيتكومات، وبرامج تلفزية ،عبارة عن افلام امازيغية، وبرامج ترفيهية، ومسلسلات للاطفال الصغار، لكن لايمكنني اخراجها لان العين بصيرة واليد قصيرة، فلا وجود للا مكانيات ولاوجود لمؤسسات اعلامية تلفزية، تقدم لنا الامكانيات وخصوصا القناة التلفزية الامازيغية، التي ننتظر منها الكثير، وكذلك المركز السينمائي المغربي الذي يستفيد من التمويل العمومي، ولا يسلمنا ولو جزءا يسيرا منه ، حيث يقدم الدعم للافلام المغربية والاجنبية ويستثني الا فلام الا مازيغية من هذا الدعم وهو الاولى بالدعم مادام ان جميع المنافد مغلقة امام الفيلم الامازيغي فلا يصل الى التلفزيون ولا يحميه القانون من القرصنة، ولا يتلقى ممثلوه عناية من اي جهة كانت.
6 ـ هل تجدون دعما من قبل المعهد الملكي للثقافة وهي الجهة الرسمية التي عليها ذلك الى جانب المركز السينمائي المغربي في دعم الانتاج السينمائي الامازيغي؟
6 ـ يعتبر المعهد الملكي للثقافة الامازيغية مؤسسة عمومية وجدت لخدمة اللغة و الثقافة والفن الامازيغي ويقوم هذا المعهد بدوره كاملا وهو مشكور عن ذلك لكن في حدود امكانياته وانا لم اتقدم قط بمشاريعي لهذا المعهد وكلي امل ورجاء ان اتقدم مستقبلا بعدد من المشاريع لهذا المعهد لانه يتوفر على كفاءات علمية وثقافية وفنية يمكنها ان تساعد على تطوير الفن السينمائي الامازيغي مستقبلا.
7 ـ هل هناك جمعيات ومنظمات للدفاع عن حقوق الممثل والمنتج الامازيغي حتى يكون صوتكم مدويا لدى الجهات الرسمية الحكومية وغي الحكومية؟
ان حقوق الفنان الامازيغي مهضومة اكثر من غيره لان الوعي بحقوقه لم تبدا الا في السنوات الاخيرة وكذلك السينما الامازيغية هي الاخرى لم تعمر طويلا ولهذا يرى احمد بادوج ضرورة تاسيس جمعيات ونقابات للدفاع عن حقوق الفنان الامازيغي والمغربي عموما كما انه يرى ضرورة انفتاح الجمعيات والنقابات الاخرى الوطنية على فئة الفنانين للاطلاع على اوضاعهم الاجتماعية والنفسية والقانونية ليكونوا جميعا في خدمة الفن المغربي عموما حتى لا تقضي علينا المنافسة من السينما الاجنبية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق