القليعة ، هاد الكلمة العجيبة
والغريبة ، واللي ليها مدلولات كثيرة وبلا مندخلو
الحسن البوعشراوي….
تفاصيل مفهومها
الحقيقي ، ولكن بالحق هي اسم منطقة كتعرف كثافة سكانية كبيرة ، ترقات في
الأخير من جماعة باش تولي بلدية ، قريبة من ايت ملول تمر منها طريق رئيسية
تربط اكادير باشتوكة ، كانت في القدم مزارع وحقول كبيرة وتعطي الخير
العميم لاهلها وزوارها ، اناسها الأصليين الطيبين حافظوا على تقاليدهم
وعاداتهم ، بكرمهم وحبهم للخير اعطى للمنطقة هبة وقيمة ، وزادها داك المنبع
وديك العين اللي كانت وجهة زوار من كل مدينة ، عين ماءها جاري يشفي من
أمراض وتشهرات في كل جهة ، زاروها ناس وسواح وتعرفات من خلال صكوكها وصورها
،في كل خريطة بصمت مكانتها بمداد ظاهر وباين ، شحال من افراح وأعراس
عرفتها البلدة العجيبة ، حفلات وأنشطة عشناها وخصوصا أيام عيد العرش
والمواسم لكتقام في الناحية ، الخمايس وبنعنفر والعزيب والقليعة القديمة
،أناسها يتسابقوا في كل محفل باش يبرهنوا حبهم وتقلدهم للعرش ديمة ، صنعوا
ملاحم في التمثيل والموسيقى ، ويكرموا الزوار بالرحب في ديورهم بلا تنفيقة
ملا قينهم بالحباق والورد ومسك الريحان والمرشة الاصيلة ، وفي اسايس كل حي
تلقى منصات مزوقة بالألوان ومزركشة بالورود ومغطية بجريد النخل اللي يدل
على السلم والسكينة ، صور ملكنا العزيز ملصقة في كل حيط ، وراية المغرب
ترفرف على كل دار عربون محبة والتعلق بالعرش العلوي المجيد… في كل شهر
يتقام معروف في مسجد ، المعروف الي منو ياكل الغادي والبادي ، تدبح فيه
الابقار وتتفصل قراعي ، وتتفرق على منازل وتترسل في المساء للمساجد باش
يتقوتوا طلاب العلم والحاضرين مع الطيب والريحان والمسك الصافي ، يتنعموا
باستماع قراءة القران ويتلذذوا بالامداح النبوية ، يتكرموا فيها أهل العلم
ويتجازا كل حافظ القران ،و يتعاونوا بجمع الهبات باش يرضوا الفقراء
والمساكين والأرامل والأيتام ، وفي الختام ترفع الكفوف للمتعال بالدعاء
وطلب المغفرة والأجر والتواب ، وينعم الله عليهم بالسكينة … كانت السنوات
تمر كلها خير في خير الأراضي نتجت واعطات خيرها والسماء ما تقطع خيوط من
الغيث اللي ارادو مولانا ، المراعي الخضراء واجنانات اللي عامرا بحشايش
وورد وكرم وتفاح ورمان ، وكل جردة تحفر بيها بير كاعوا ما هو بعيد ووافر
عيون تبان من سطحو ، تسمع خرير العيون تتسيل باش تزود البير ماء كيف ديما ،
“تسيلا” و “الوكاف” و”الناعورة المعلومة” ، ما يتوقفوا بالتحراك ويعمروا
الشوارج بالسيل واخا تعبت البهيمة يعوضوها بجهدهم اللي كلو نية ، المياه
تدفق مياهها عبر سواقي وخطارات ، تلقى الماء يجاري وصفاه يوري الوجه باين
وواضح ، ويتربط في اوزونات وريبوات لي فيها شجاري ونباتي وزراعات ، بعد ما
دعموها بتسميدها بامازير غنمهم اللي تركتوا بعدما خرجت لمراعي الغابات،
كانوا يشاركوا فيما بينهم بالتويزة بها زرعوا وبها حصدوا وبها دراوا نوادر ،
وبتوالا تناوبوا على رعي الاغنام والابقار … والنساء تشارك الرجال في كل
عمل في حلب الغنم وترح الماكل … كانت النساء نية وحدة ومن عاداتها كلشي
باين ، وفي تاغنجا تلقاهم مجموعين على لمة ، ملبسين مرغاية كسوة تلالي
ويقلدوها حلي ومجوهرات ، وتبان من بعيد كانها عروسة ، والاطفال يحوموا
عيلهم ويقولوا : “تاغنجا الا يلا يا ربي تجيب السحاب ، تجيب السحاب بلا كلا
“… اخلاق اهلها مسك ونبلهم ما يتوصف بقيمة ،الى عاهدوك اوفاو وفي اللمة
ديمة عون وسكينة ، متمسكين بارضهم وما يسمحوا في شبر منو واخا توزن ذهب
وعليها يموتوا وهادي هي الشيمة ، ربطوا علاقات مع كسيمة واشتوكة ومسكينة ،
وتقربوا لدوار اكمرات وادوز واخربان وشاركوا معاهم الحلوة والمرة ، تبادلوا
علم الفلاحة وشاركوا في شركات نتجات واعطات للبعد قيمة …. جيل الرعيل
الاول منهم ابقى منهم القليل والله ينفعنا ببراكتهم تنعيمة ، لانهم شرفاء
اصحاب بركات وكرمات والثاليين تبتوا الصحيح وشهدوا على الكلام الي تقال
والي كان لوا مقال ومقال ، وقالوه في شحال من مقام…
وفي اخير هاد الايام تقلبت الاية وتبدلت
الترنيمة ، تباعت الاراضي اشبار وتفصلت بقع وتفوتات بلا قيمة ، واعرفات
نزوح اناس اللي رحلوا من مناطقهم الي اصابها جفاف وعجاف ، باش يصنعوا قبر
الحياة بهاد البلدة اللي سمحوا فيها الاحفاد … ما بقات لا جردة ولا بحيرة ،
لا اكناري ولا كرمة ، كلشي تقلع من جدوروا باش يتبنى في بلاصتوا صندوق من
البريك ، اعوج من بنيانوا باين ، لا بني زين ولا اساس ، طرقان كلها عيوب ،
ما يمر فيها راكب حصان ولا سايق كروسة ، الماء الموسخ جاري في الطرقان
ومزنفر الجو ويمرض كل ماشي سقمان ، لا ضو بمصابحو شعلان ، ولاماء حلو
للشرب صالح يتقطع في الصنبور انقاط ويترك اهل الدار في عطش دايم لا هم
ترواوا ولا غسلوا حاجة بالماء الدافق … جمعيات المزودة الماء اصابها شنآن
وولات في المهمة الصعبة تترنح ، من كثرة البنيان تزاد الطلب الولهان ،الكل
اصبح حيران من هاد العجب العجاب والي جا كالطوفان … ترقات المنطقة
لبلدية باش تتعلا شانها وتولي اكبر جماعة حضرية ، رقموها لاكبر تجمع سكاني
في المغرب العرابي ، وجل اهلها في الويل عايشين لاسكنة لا خدمة زينة ، لا
اهل البلاد القدماء استاطعوا باش يخرجوها من الويلات والا حتى اللي سكنوا
وتمكنوا فيها ،كلهم ما قدروا يجددوا فيها تعويدة كلاسلاف اللي راحو مند
ازمنة … سوقها لا هو سوق لا حلقة زينة ، شي ناشر هنا شي بالتقليقة نايض ،
كرارس وطاولات لا هي مصفوفة ولا حاجة تظهر وتكون ليها قيمة ، اكوام من
السلعة القديمة منشرة فكل تركينة ، طاولات اهل السمك والحوت تحوم عليهم
الحشرات من الفوق وتحت اقدامهم ماء خانز وانتاف الحوت الطالح … المهم حاشا
اقولوا انو سوق ولا مواصفات تنعي اخباروا … الطرقان محفرة بلا قياس ويا ويل
السيارة اللي مارة وبالسرعة تنساق ، متواها انكسار وشضية من حجرة في
اردافها تتوالى ومنها تتفصل اسواف، ويزيدها الزين الغبار العباب ويغطي كل
منفد وجاج … الى كنت شاد الطريق الرئيسية وبسيارتك تكايس شوية وفي سرعتك
لا تعاند ، لانك لاقي الزحمة من الدخلة الى الخرجة ، ورد بالك لا تصدم
الناس ولا تخرج في شي واحد طالع ليه الراس ، كم من واحد بالسرعة مات ، وكم
من واحد بالصدمة دخل للمستشفى وهو ما هو فايق … كثرة الجرايم وهذا تقتل
اهنا وهذا هناك ، هذا تعرضو ليه وذاك ضربوه بجرح غاير … لا امن ولا امان
الكل في الرعب عايش ، تحركوا جمعيات وحقوقيين مطالبين المسئولين بالتدخل
في الحين ، رغم المركز الوحيد اللي ايحاميهم عداد خداموا قلال ما يكفوا
جمهور كثير … المهم وينكم يا الاولين يا اللي كانوا في السابق عايشين وفي
الخير نعموا بالنعيم ، فينكم تشوفوا هاد التغيير اللي خلا الامكان تتصاب
وتتنعى باللي كان عنها بعيد … نتمناوا ترجع السكينة لهاد البلاد اللي بصمته
تواريخ واعطات ابطال وابطال … ونتمناوا التغيير اللي يخرج هاد المنطقة من
ما أصا تتهنا ها العباد…