تاريخ يروشلايم العاصمة في الفترة الممتدة بين الاحتلال الروماني والاحتلال العربي
في
العقود السبعة الأولى للميلاد، واثر إعلان الشعب اليهودي ثورته في وجه
الاستعمار الروماني لأرض إسرائيل، احتلت قوات الإمبراطورية الرومانية
بقيادة تيتوس، مدن كثيرة من سيادة أبناء يعقوب التاريخية، ودخلت جحافله
يروشلايم، المدينة الأكثر تقديسا وأهمية، كونها العاصمة السياسية والروحية
للإسرائيليين منذ 3000 عام.
لقد
عاث الرومان بالمدينة المقدسة خرابا ودمارا، وبقيت مهدمة ما يقارب الستين
عاما، بحيث لم يسمح الاحتلال لأبناء الأرض اليهود من إعادة بناء المدينة
وتحديثها والسكن فيها، مدججينها بأعداد كبيرة من القوات العسكرية ليحولوا
دون عودة أصحابها لها.
في
العام 130 ميلاديا، قرر القيصر الروماني هارديان بناء مدينة وثنية في
يروشلايم المحتلة باسم ” ايليا كابيتولينا” وحرم على اليهود دخولها.
أثار
هذا القرار حفيظة أبناء ارض إسرائيل الأصليين، فهي المرة الأولى منذ آلاف
السنين أي منذ تأسيسها على يد الملك داود، يحرم عليهم دخول هذه المدينة
المقدسة، قلب اليهود النابض روحا ونفسا وسياسة.
لم
يكتف الرومان بذلك، بل قاموا بتدنيس أكثر أماكن أبناء يعقوب تقديسا ألا
وهو الهيكل المقدس حيث بنوا في حجرة قدس الأقداس مذبحا لآلهة الرومان؛
زيوس، يوبيتر، وافروديت.
ومن
الشعب السيد على أرضه، أصبح شعب إسرائيل مضطهدا في أرضه وفي بيته، حيث قام
القياصرة الرومان بإصدار قوانين تحظر الختان، وحفظ يوم السبت والكثير من
العادات والشرائع اليهودية.
لم
يصمت اليهود ولم يخنعوا لاضطهاد الرومان، بل ثاروا على هذه السلوكيات التي
مست بالحقوق القومية للإسرائيليين، وأعلنوا النضال في كل أنحاء ارض
إسرائيل حفاظا على كرامتهم التي هي اكبر من أن تذل على يد الغريب.
بدأت
الثورة بصورة عشوائية لكن سرعان ما انتظمت لتعلن حرب السيادة والاستقلال
بين أصحاب الأرض الإسرائيليين بقيادة “شمعون بار كوخبا” و”ربي عقيبا” وبين
قوات الاحتلال الروماني والتي عرفت ب”حرب بار كوخبا” او “حرب اليهود على
الرومان”.
المؤرخ
الروماني الشهير “لوسيوس كاسيوس ديو كوكايانوس”، قام بوصف الأحداث الدموية
التي دارت حينها في كتابه “تاريخ الرومان” على النحو التالي:
“لم
تكن حرب صغيرة أو قصيرة، اندلعت على اثر قيام “هادريان” ببناء مدينة في
يروشلايم على أنقاض تلك المهدمة، وأطلق عليها اسم “ايليا كابيتولينا”،
واستبدل بيت المقدس اليهودي بمذبح ل”جوبيتر”….هذا ما أدى إلى اندلاع حرب
لان اليهود لم يتقبلوا أن تقيم شعوبا واديانا أخرى مدنهم. بادئ ذي بدء، لم
يعط الرومان أهمية للأمر ولكن سرعان ما تحولت منطقة يهودا ( مركز ارض
إسرائيل) إلى بركان واتحد اليهود في كل أنحاء وطنهم في محاربة الرومان…
شعوب غريبة من خارج ارض إسرائيل انضموا إليهم وكأن العالم اجمع أصبح على
فوهة بركان”.
(كاسيوس ديو ، تاريخ الرومان 69: 11-12)
جاء
اسم مستعمرة “إيليا الكاپيتولينيّة” أو باختصار “ايليا” تيمنا بعائلة
(“ايليوس هادريان”)، أما مصطلح “كابيتولينا” اشتق من ثالوث كابيتولين وهم
الآلهة الثلاث الأكثر أهمية في الميثولوجيا الرومانية.
مع
إشهار المسيحية كدين الإمبراطورية الرومانية الرسمي في مرسوم ميلانو على
يد القيصر “قسطنطين” في عام 313 ميلاديا، تحولت “ايليا كابيتولينا”
(يروشلايم المحتلة) إلى مدينة مهمة ومقدسة للمسيحيين حيث تم تشييد عددا
كبيرا من الكنائس، لعل أهمها على الإطلاق ( كنيسة القيامة) التي أصبحت
مركزا دينيا للامبريالية البيزنطية الشرقية.
في
فترة الاحتلال البيزنطي / فترة التلمود (638-324 ميلاديا) جاء الاحتلال
الروماني بأعداد كبيرة من المسيحيين وسمحوا لهم السكن فيها، فيما شكل
اليهود أكثرية في باقي مناطق وقرى ارض إسرائيل.
وفي
عام 638 وصل الاحتلال العربي بقيادة عمر بن الخطاب إلى المدينة المسيحية –
البيزنطية ايليا كابيتولينا ، واتخذها مقرا له بعد ان اعتمد الاسم
اليوناني البيزنطي “إيليا” اسما لها.
أقام
الاحتلال العربي الإسلامي في جبل الهيكل اليهودي مكانا للصلاة من الخشب
وعرف باسم ” مسجد ايليا”. هذا هو الموضوع الأهم الذي سيتناوله المقال
القادم:
من ايليا إلى اللقدس والسر الكبير : كيف تحول مسجد ايليا لل”مسجد الأقصى”؟
المصدر موقع إسرائيل بالعربية. كوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق