المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية
والنقابية في العالم العربي.....19إلى:
ـ الحركة
العمالية باعتبارها حركة سياسية تسعى إلى تغيير الواقع تغييرا جذريا عن طريق تحقيق
الحرية والديمقراطية والاشتراكية.
ـ أحزاب
الطبقة العاملة باعتبارها مكونات للحركة العمالية.
ـ كل الحركة
الديمقراطية والتقدمية واليسارية باعتبارها تناضل من أجل تحقيق نفس الأهداف.
ـ كل حالمة
وحالم بتحقيق الغد الأفضل.
ـ من أجل أن
تستعيد الطبقة العاملة مكانتها السياسية في هذا الواقع العربي المتردي.
ـ من أجل أن
تلعب دورها في أفق التغيير المنشود.
في معيقات الحركة العمالية:.....7
وعملية الاستعباد المؤدية إلى فقدان الشعوب لحرياتها
العامة، والفردية، تتسم ب:
ا ـ قيام أنظمة استبدادية تصادر كافة حقوق الشعوب
الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، سعيا إلى جعل الشعوب
تقبل بفقدان حرياتها.
ب ـ وجود قوانين غير متلائمة مع المواثيق الدولية
المتعلقة بحقوق الإنسان، تكرس الاستبداد، والاستعباد، وفقدان الحرية.
ج ـ قيام دساتير غير ديمقراطية، تكرس استعباد الشعوب في
البلاد العربية، الفاقدة لسيادتها على نفسها، إلى درجة عجزها عن تقرير مصيرها
الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي.
د ـ قيام برجوازية متعفنة، لا تعرف إلا ممارسة الاستغلال
بأبشع صوره، ولا تحترم أي بند من قوانين الشغل المعمول بها في كل بلد من البلاد
العربية، ولا تحترم حتى الحد الأدنى للأجور، الذي تم تحديده، ولا تحترم أي حق من
حقوق الشغل المعمول بها دوليا. وما يهمها هو أن تحقق المزيد من الأرباح التي لا
حدود لها.
هـ ـ تردي الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية،
والمدنية، والسياسية، إلى درجة العجز المطلق للعمال، وباقي الأجراء، وسائر
الكادحين، عن مواجهة متطلبات الحياة البسيطة.
و ـ الارتفاع المستمر للأسعار، من أجل امتصاص ما يمكن أن
يتبقى في جيوب الكادحين، وعلى جميع المستويات، حتى لا يجرأ الكادحون، في يوم ما،
على المطالبة بالحق في التمتع بكرامتهم الإنسانية.
ز ـ ربط الاقتصاد الوطني بالاقتصاد الرأسمالي العالمي،
في كل بلد من البلاد العربية. وهو ما يترتب عنه مضاعفة الاستغلال، المنتجة لمضاعفة
الاستعباد، المعمقة لفقدان الحرية.
ح ـ غياب وعي حقيقي بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية،
والثقافية، والسياسية، وتسييد اعتبار ما يحصل في الواقع قدرا من عند الله، حتى يتم
إبعاد التحالف البرجوازي الإقطاعي المتخلف عن مسؤولية ما يجري في البلاد العربية.
وهذه السمات، وغيرها، مما لم نذكر، إذا أضفناها إلى
الاعتبارات المشار إليها، تثبت أن انعدام الحريات الفردية، والجماعية في البلاد
العربية، يشكل عائقا أساسيا، أمام إمكانية تطور الحركة العمالية. وهو ما يجعل هذه
الحرية منزوية، ومحدودة، في حالة وجودها، أو منعدمة، كما هو حاصل في العديد من دول
البلاد العربية.
وإذا كانت الحرية منعدمة في البلاد العربية، بسبب طبيعة الدساتير
القائمة، إن كانت هناك دساتير أصلا، وبسبب طبيعة القوانين المعمول بها، وبسبب
طبيعة الدول القائمة، وطبيعة الاختيارات التبعية، فإن الديمقراطية بمفهومها
الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، لا يمكن أن تكون إلا أكثر انعداما؛
لان الديمقراطية، والحرية، متلازمتان فإما أن يتحققا معا، وإما أن ينعدما.
وغياب الديمقراطية، في شموليتها، من جميع دول البلاد
العربية، لا يمكن أن يشكل، كذلك، إلا عائقا من العوائق الأساسية، التي تقف أمام
إمكانية قيام حركة عمالية رائدة، وحتى إن وجدت هذه الحرية، فإنها تبقى حرية محتشمة،
نظرا للاعتبارات الآتية:
الاعتبار الأول: غياب دساتير ديمقراطية، تكون فيها
السيادة للشعب. والدساتير القائمة في البلاد العربية، إن كانت هناك دساتير في
العديد منها، هي دساتير لا ديمقراطية، ولا تكرس سيادة الشعب على نفسه، ولا تضمن
حرصه على تقرير مصيره. ودساتير من هذا النوع لا تكون إلا ممنوحة. والغاية منها هي
حماية الأنظمة القائمة من غضب الشعوب، وليس ضمان سيادتها على نفسها.
والاعتبار الثاني: أن الديمقراطية، إن وجدت، لا تتجاوز
أن تكون ديمقراطية للواجهة، وليس لتمكين الشعب من تقرير مصيره الاقتصادي،
والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي.
وديمقراطية الواجهة ليست موجهة إلى الشعوب العربية، بقدر
ما هي موجهة إلى الرأي العام الخارجي، من أجل إيهامه، وتضليله، بأنه توجد في
البلاد العربية ديمقراطية حقيقة، عن طريق اختزال الديمقراطية في الانتخابات، التي
لا تكون إلا مزورة عن طريق ممارسة كافة أشكال التزوير، في مجمل البلاد العربية،
التي تسيطر عليها أنظمة لا ديمقراطية، ولا شعبية.
والاعتبار الثالث: أن الشروط الموضوعية القائمة، لا تؤهل
الإنسان في البلاد العربية، لأن يكون ديمقراطيا في فكره، وفي ممارسته، نظرا لغياب
التربية الديمقراطية، عن طريق الدراسة، في مراحلها المختلفة، وعن طريق وسائل
الإعلام، وعن طريق الأحزاب السياسية، التي قد لا تعرف الديمقراطية حتى في أجهزتها
المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، وعن طريق المنظمات الجماهيرية: النقابية،
والحقوقية، والجمعوية، التي يفتقر معظمها إلى احترام الممارسة الديمقراطية في إطار
الأجهزة، أو في العلاقة مع الجماهير المعنية؛ لأن تلك الشروط القائمة ذات الطابع
الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، تدخل الإنسان، في البلاد
العربية، في متاهات لا حدود لها، مما يجعله لا مباليا بما يدور حوله، وغير مهتم لا
بوضعيته الاقتصادية، ولا بوضعيته الاجتماعية، ولا بوضعيته الثقافية.
والاعتبار الرابع: طبيعة التنظيمات القائمة في البلاد
العربية، والتي وجدت غالبيتها على أسس غير ديمقراطية، مما يجعل تغييب الديمقراطية،
بمفهومها الشمولي، من ممارستها اليومية، وفي مختلف المحطات الانتخابية.
والأمر الذي يجعل هذه التنظيمات تلجا إلى أساليب غير
ديمقراطية، في الوصول إلى المؤسسات المفترض فيها أن تكون منتخبة، وفي مستوياتها
المختلفة، هو كونها غير ديمقراطية. وهو ما يترتب عنه القول بأن غالبية الأحزاب في
البلاد العربية هي أحزاب غير ديمقراطية.
وانطلاقا من هذه الاعتبارات، فإن المجتمعات التي تغيب
فيها الممارسة الديمقراطية، تكون مطبوعة بمجموعة من السمات التي نذكر منها:
ا ـ سيادة الفكر الاستبدادي، الذي يطبع غالبية العلاقات
التي تتخلل نسيج المجتمع في كل بلد من البلاد العربية، بسبب طبيعة النظام التربوي
العام، وما يتكرس من خلال البرامج الدراسية، والإعلامية، وغيرها، ومن خلال ما
يتصرف عن طريق المؤسسات الدينية، التي تفرض وصايتها على المجتمع.
ب ـ اعتماد ديمقراطية الواجهة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية
مزورة، في مجموع البلاد العربية، التي تدعي أنها ديمقراطية، الأمر الذي يترتب عنه
كون تلك المؤسسات مجرد وسيلة لإعطاء الشرعية للاستبداد القائم.
ج ـ استمرار تفعيل الممارسة القائمة على تمكن الفكر
الخرافي من قطاعات عريضة من المجتمعات العربية. وهو ما يترتب عنه كون هذه
المجتمعات تتحصن بالفكر الخرافي ضد الفكر العلمي، الذي يصير وسيلة الارتباط
بالواقع، حتى تبقى هذه المجتمعات غائبة عن واقعها.
د ـ استمرار سيطرة الفكر الديني على المجتمعات العربية،
مما يجعلها تستغرق في الممارسة الدينية، طلبا للخلاص من آفات الواقع الاقتصادي،
والاجتماعي، والثقافي، المتردي إلى درجة فقدان القدرة على التحمل، لتصير الحياة
الأخرى هي الملاذ.
ه ـ معاناة غالبية المجتمعات البشرية من الفقر في صفوف
العمال، وباقي الأجراء وسائر الكادحين، من تجار صغار، وفلاحين صغار، ومعدمين،
الأمر الذي يجعل منهم مجرد بضاعة للتصريف في المناسبات الانتخابية، التي تتحرك
فيها أموال طائلة، لشراء ضمائر هذه الجيوش الاحتياطية، التي تتحرك لإقبار
الديمقراطية بمعناها الحقيقي، التي تتحول غالى مجرد ديمقراطية للواجهة، كخطاب موجه
إلى الخارج.
و ـ استمرار قيام تراكم رأسمالي هائل، في أيدي قلة من
البرجوازيين المتخلفين على حساب الفقراء، والمعدمين، الذين لا مال لهم، إلى درجة
الحرمان المطلق، المؤدي إلى التشريد، وإلى الحرمان حتى من القوت اليومي.
وهذه السمات، وغيرها مما لم نذكر، تبقى فاعلة في الواقع،
من أجل تكريس نفس الممارسة المعنية للديمقراطية في شموليتها، حتى يبقى العائق قائما
أمام الحركة العمالية، وحتى لا تبقى الحركة العمالية فاعلة في الحركة النقابية.
محمد الحنفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق